الموضوع الثاني :حول اللاشعور
الطريقة : الاستقصاء بالوضع
i- طرح المشكلة : اذا كانت معطيات الشعور ناقصة في فهم كل فاعليات النفس ، فذلك ما يدعو الى طرح فرضية وجود حياة نفسية لاشعورية ، ولكن كيف يمكن اثبات صحة هذه الفرضية والدفاع عنها ؟
ii- محاولة حل المشكلة :
1-أ- عرض الاطروحة كفكرة :يرى أنصار علم النفس المعاصر ولاسيما مؤسس مدرسة التحليل النفسي (( فرويد )) ان فرضية وجود حياة نفسية لاشعورية فرضية ضرورية ، وتبررها نقص معطيات الشعور في فهم وتفسير بعض السلوكات التي تصدر عن الانسان السليم او المريض على السواء .
1-ب- المسلمات : لأن فرضية تطابق الحياة النفسية مع الحياة الشعورية ، لا تستطيع تفسير كل السلوك بمظاهره المختلفة .
1-جـ-الحجة :- إن فهم الحياة النفسية يقتضي ألا نقف عند الجانب الظاهر منها ( الشعور ) ، بل لابد من افتراض جانبا لا شعوريا يكبت لتعارضه مع الواقع .
ان الشعور لا يستطيع ان يشمل كل ما يجري في الحياة النفسية ، فهنـاك سلوكات تصدر عن الانسان دون ان يستطيع الشعور تفسيرها ( الاحلام ، الهفوات ، الزلات ... ) ، الامر الذي يدعو الى التسليم بوجود ( او افتراض ) اللاشعور .
2- تدعيم الاطروحة بحجج شخصية : إن فرضية تطابق الحياة النفسية مع الحياة الشعورية ، لا تستطيع تفسير كل السلوك بمظاهره المختلفة .
ولأن الاهواء والرغبات المكبوتة لا تزول ولا تفقد حيويتها ، بل تظل مؤثرة في السلوك النفسي الشعوري ، وعليه ففهم الحياة النفسية الشعورية لا يمكن دون اعتبار وجود حياة نفسية لاشعورية
عرض منطق الخصوم : يرى بعض الفلاسفة امثال ( إبن سينا 980 – 1037 ) والفرنسيون : ( ديكارت 1596- 1650 ) و (مين دو بيران ) و ( ج . ب . سارتر 1905 – 1980 ) ، وكذا انصار علم النفس الكلاسيكي عموماً ، ان الشعور هو اساس الحياة النفسية ، فالانسان يعرف كل ما يجري في داخله من حالات نفسية وكل ما يقوم به من أفعال ، ويدرك اسبابهما وداعيهما ؛ فالحياة النفسية مساوية ومعادلة للحياة الشعورية ، ومن ثمّ فكل نشاط نفسي هو بالضرورة شعوري ، ومالا نشعر به فهو ليس من انفسنا ، فحسب ديكارت انه : « لا توجد هناك حياة خارج النفس الا الحياة الفيزيولوجية » ، وهو نفس ما يذهب اليه مين دو بيران من أنه : « لا توجد واقعة يمكن القول عنها انها معلومة دون الشعور بها » .
نقد منطقهم : ولكن اذا كان صحيحا ان كل ماهو شعوري نفسي ، فليس صحيحا ان كل ما هو نفسي شعوري ، بدليل ان التجرية اليومية التي يعيشها الانسان تؤكد صدور بعض السلوكات لا تخضع للمراقبة الشعورية ، ولا يستطيع الشعور تفسيرها .
iii- حل المشكلة : : إن فرضية اللاشعور رغم ما لقيته من رفض واعتراض ، تبقى ضرورية كون معطيات الشعور ناقصة في فهم وتفسير كل السلوك الانساني ، وعليه فالاطروحة القائلة ان فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة اطروحة صحيحة .